احتضن "معهد الرقص والموسيقى" بوجدة صبيحة يوم الأحد 10 أبريل 2016 درسا سينمائيا ألقاه المخرج محمد مفتكر.
وقد سير "الماستر كلاس" وقدم له الناقد والباحث فريد بو جيدة، والذي أكد في البداية أن المهرجان المغاربي للفيلم بوجدة كان في انتظار مفتكر منذ بداياته الأولى ، وأنهم في المهرجان يعتبرونه مخرجا مختلفا ومتميزا وتتبعوه منذ بداياته الأولى، وقد تم الاتفاق معه للحضور للدورة الخامسة بعد الدرس الذي ألقاه في الجامعة الصيفية للجامعة الوطنية للاندية السينمائية بالمحمدية.
ليعطي الكلمة لمحمد مفتكر الذي اعترف انه يعيش حاليا فترة تساؤل حول علاقته وارتباطه بالسينما، إذ لم تعد لديه الرغبة في ممارسة السينما حاليا، وأرجع سبب ذلك لبداية علاقته بالسينما، التي كانت علاقة كلاسيكية مرتبطة بالفرجة. واسترسل قائلا أنه يعيش حاليا حالة فتور في مايخص الإبداع مصحوبا بعدم رضى عن النفس كمبدع. الأمر الذي جعله يتساءل ليجد أن علاقته بالسينما مرتبطة بالأب، وكل من شاهد أفلامه يجد هذه التيمة ظاهرة في أفلامه، والتي ظهرت بشكل واضح في فيلمي الروائي الطويل الأول "براق". وهكذا فبعد "جوق العميين" الذي كان كمصالحة مع الأب قرر أن يعتبر هذه السنة سنة تواصل.
ثم ختم متحدثا عن علاقته بمدينة وجدة التي اعتبرها علاقة خاصة، خصوصا أنها كانت أول مرة يشاهد فيها فيلما له على الشاشة وكان فيلم "ظل الموت" سنة 2008.
وبعد ذلك فُتح باب النقاش مع محمد مفتكر، ليؤكد هذا الأخير جوابا على سؤال طرح عليه أن السينما تهمه كحالة وجودية لأنها أخرجت منه إنسانا آخر، مضيفا أن الفيلم يبدأ معه كفكرة أثناء الكتابة وقبل بداية التصوير، فالبراق مثلا جاء من قصة حكاها له قاض، وتساءل هو بعد ذلك كيف يمكن له أن يتعامل معها كقصة سينمائية. أما في "جوق العميين" يضيف مفتكر فكان انطلاق الفكرة التي دفعتني لكتابته وتصويره هو صورة لباس نسوي معلق في حبل غسيل، والتي أوصلته إلى تذكر عشقه الأول لفتاة كانت خادمة عند الجيران، أما موضوع الأب فلم يكن مطروحا في الأول بل أتى فيما بعد وبشكل عفوي.
المخرج التونسي وسيم قربي تساءل في تدخله عن الفتور الذي يعتري مفتكر حاليا وهل هو نابع من المناخ الثقافي العام، وأجابه مفتكر أن السينما بالنسبة له يجب أن تكون إضافة ، وهو الآن يجد أن كل فيلم يفكر فيه كان يجب أن يكون قبل فيلم"جوق العميين" وإلا فسيكون تكرارا وإعادة منه لما سبق.
وفي حديثه عن علاقته بالنقد والنقاد اعترف مفتكر أنه استفاد من النقاد، الذين علموه أن السينما مسؤولية، وأنك حينما تصنع فيلما فستتبعه مساءلة ، إذ تعلم السينما من خلال بحثه ومشاهدته عن أفلام كتب عنها نقاد السينمائيون.
وبخوص علاقته بالممثل قال أنه لا يومن بمقولة الممثل الجيد والممثل غير الجيد فكل شيء متعلق بقدرات المخرج في إدارة الممثل واختار يونس ميكري لقرب شكله من شكل أبيه. أما منتج ومؤلف الموسيقى في "جوق العميين" فقد تجاوبوا وتعاونوا معه في هذا الفيلم لأنهم وجدوا أنفسهم فيه خصوصا فيما يخص علاقتهم مع آبائهم.
واعتبر مفتكر أن هناك فقط فيلما جيدا وفيلما رديء وليس هناك بالنسبة له "فيلم مؤلف" أو ""فيلم تجاري"، إذ ان السينما لا تكتمل سوى بملئ القاعات بالجمهور، وعلى العموم ففي المغرب حتى لو كان فيلمك جيدا فلن تصلك "النوبة" لعرض فيلمك في القاعات على قلتها.
وأضاف أنه في المغرب ليس هناك تراكم، إذ لو حصلت على أهم الجوائز في المنطقة فإنك تظل كما كنت، ولن يأتيك شخص لينتج لك أو تتسابق عليك دور العرض لعرض أفلامك ، وقد كان هذا من بين أسباب الفتور والتأمل الذي يعيشه حاليا. وختم مفتكر أن السينما المغربية قد وصلت الآن لمرحلة يجب فيها أن تُقلع صوب آفاق أخرى لأننا أصبحنا نمتلك التقنية...والآن حان الوقت كي يصنع مخرج مغربي فيلما ينطلق بالسينما المغربية لآفاق مختلفة واعتراف عالمي.